في زمنٍ أصبحت فيه الألعاب الإلكترونية جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال والمراهقين، لم تعد المتعة وحدها هي الغاية.
كثير من هذه الألعاب – خاصة الألعاب القتالية والعنيفة – تحوّلت من وسيلة تسلية إلى أداة تؤثر على السلوك والمشاعر والوعي النفسي بطرق عميقة ومقلقة.

كيف تؤثر الألعاب العنيفة على العقل والسلوك؟
الألعاب العنيفة تدرّب العقل بشكلٍ غير مباشر على الاستجابة العدوانية.
فعند الانغماس في القتال الافتراضي لساعات طويلة، يبدأ الدماغ بالتعامل مع العنف كأنه سلوك طبيعي ومقبول.
تشير دراسات في علم الأعصاب إلى أن:
• التعرض المستمر لمشاهد العنف يقلل نشاط الفص الجبهي المسؤول عن ضبط السلوك والانفعالات.
• اللاعب يصبح أقل تأثرًا بالمشاهد المؤذية وأكثر ميلًا لاستخدام القوة كوسيلة لحل المشكلات.
• تتراجع قدرة الطفل على التفريق بين الواقع والخيال، خصوصًا في المراحل العمرية الصغيرة.
ثانيًا: الأثر النفسي للألعاب العنيفة
تنعكس هذه الألعاب على الحالة النفسية بعدة أشكال:

1_ ارتفاع مستويات القلق والتوتر أثناء وبعد اللعب.
2 _اضطرابات النوم نتيجة الانفعال الزائد قبل النوم أو بسبب مشاهد القتال.
3 _ضعف التعاطف الإنساني مع الآخرين بسبب التعود على رؤية الألم والموت الافتراضي.
4 _تبلّد المشاعر وتراجع الحس الإنساني تدريجيًا.
5 _إدمان اللعب كوسيلة للهروب من المشاعر أو الواقع المؤلم.

بعض الأطفال يصبحون أسرى للشاشة، يعيشون بطولات وهمية في عالمٍ افتراضي بينما يفقدون مهارات الحياة الواقعية.
ثالثًا: التأثير الاجتماعي والأسري
العنف في الألعاب لا يبقى داخل الشاشة، بل يتسلل إلى السلوك اليومي:

• نوبات غضب وعدوانية عند فقدان السيطرة أو الهزيمة.
• العزلة الاجتماعية والانطواء عن الأصدقاء والعائلة.
• ضعف التركيز الدراسي وتدنّي التحصيل الأكاديمي.
• انقطاع التواصل الأسري بسبب الانغماس في اللعبة لساعات طويلة.

هنا تبرز أهمية دور الأسرة في المراقبة الواعية، ووضع حدود واضحة للوقت والنوع، ومشاركة الأبناء في فهم ما يلعبونه.

رابعًا: الحلول والتوازن
ليس الهدف منع الألعاب، بل إدارة استخدامها بذكاء.
ولذلك يُنصح بـ:
1 اختيار ألعاب خالية من العنف وذات أهداف تعليمية أو استراتيجية.
2 تحديد وقت اللعب بحيث لا يتجاوز 90 دقيقة يوميًا.
3 تعزيز أنشطة واقعية كالرسم، القراءة، الرياضة، والمهارات الاجتماعية.
4 التحدث مع الطفل عن الفرق بين الواقع والخيال، وغرس قيم الرحمة والتعاطف.

الألعاب العنيفة قد تمنح لحظات متعة، لكنها في الوقت نفسه تزرع بذور العنف والاضطراب النفسي على المدى الطويل.
المسؤولية تقع على عاتق الأهل والمربين في توجيه الأبناء نحو محتوى آمن ومتوازن، يحافظ على سلامة العقل والقلب والسلوك

الكاتبة : روان عبدالله 

صحيفة عين الحقيقة