[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red](المعاملة ...والوقت الضائع )[/COLOR]
رؤى لأحداث وصور لأوضاع مقلوبة من وحي واقعنا المعاصر، نستعرضها هنا لأن الإنسان أحيانا يحب أن يقرأ نفسه لا أن يراها أو يسمعها ، ونستعرضها لمن قمعت مشاعرهم ، وإن شئت قل نوعا من جلد الذات... ولانستعرضها ترفا بل نـُشرِّحُها - بمبضع الجرّاح - لمحاولة الشفاء من الوباء أو تحجيمه على الأقل ، وعلى خـُطى:"..مابال أقوام يفعلون كذا..وكذا.."مع اعتزازنا بالجانب المملوء والمشرق من الكوب وهو الأغلب بالطبع.
الإهداء:لكل المتعبين ولمن قمعت مشاعرهم من أبناء أمتي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
( نهض من نومه فجر ذلك اليوم متثاقلا اثر ارهاق حصل له في يومه السابق استعد للصلاة ثم تناول تمرات قليلة مع قهوة الفجر . ذهب لأداء الصلاة ثم رجع ليأخذ قسطا من الراحة فاستلقى وغفا غفوة فتح عينيه بعدها ليكسو بنظراته كل شيء في غرفة نومه . ذلك الحائط المقابل لسريره يعتليه وزغ متكاسلا ،وخيوط من ضوء الشمس الذهبية تتسلل إليها دون دستور من خلال نافذة صغيرة في الحائط الشرقي راسمة على أرضية الغرفة شكلا لمستطيل . هناك لوحة معوجّة على الحائط . أدار عينيه نحو زاوية الغرفة اليمنى حيث يوجد (دولاب ) عتيق ).
( 2 )
( قطع عليه حبل أفكاره صوت زوجته )
ــ : ابو صالح ...أبو صالح " ترك تأخرت " .
( نهض من سريره مفزوعا )
ــ : " أي والله تأخرت " .
( شرب فنجانا من القهوة ثم كأسا من الشاي مع قطعة خبز ، وحمل معه رقم معاملته فدلف إلى سيارته واحتضن مقودها ،أدار المفتاح وكبس بقدمه فوق دعاسة البنزين وبنفس اللحظة تمتم )
ــ : " الحمد لله ... اليوم صايره نشميه "
(إنه غير متعود على هذه الخفة من قبل سيارته . جعل وجهتها البلد ، حصل معه عطل في منتصف الطريق ، فنزل دون أن يرتاب من بقائها في مكانها بل أخذ حجرا ملقى على الأرض وفتح غطاء ( الموتور ) ثم طرق ( البطارية ) عدد من الطرقات ، وعاد لاحتضان مقودها ).
( 3 )
(دلف من خلال بوابة دائرته المعنية . اتجه مباشرة إلى صالة مواجهة للباب الداخلي لدائرته . الموظفون عن يمينه وعن شماله وهو يدير رأسه باحثا عن الموظف الذي أعطاه موعدا بأن يأتي بعد أيام لاستلام معاملته ) .
ــ : " ياحيف "
( قالها والألم يعتصره . لقد وجد مكتب الموظف ولم يجده . سأل الموظف المجاور)
ــ : " ياوْ لِديْ ماتدري وين ابن هالحلال !؟ "
(مشيرا إلى المكتب الخالي . رد عليه بلباقة )
ــ : " انتظر قليلا .. سيأتي حالا "
( لقد مل الانتظار فالتفت إلى الموظف ذاته مرة أخرى )
ــ : " ياوْ لِديْ أبطى وش هقوتك ماتسنـّع لي هالمعاملة اللي عنده !!! "
ــ : " والله يبه لو لي قدرة لفعلت ولكن هذه المعاملة من اختصاصه فقط "
ــ : " طيب ماقصرت بس عساه يجي يابوي إن شاء الله !!! "
( أخذ ابو صالح يدير ناظريه في الحاضرين عله يعرف أحدا يساعده ... المسافة ليست قريبة بينه وبين قريته ، ولا يستطيع أن يحضر غدا خصوصا
وأن لديه مايشغله . زفر زفرة وتمتم بصوت خافت )
ــ : " وش هالحظ الارفل وش الدبره !!؟؟ "
( في هذه الأثناء والساعة تشير إلى العاشرة والربع صباحا أقبل الموظف المعني يطرق الأرض بخطوات غير منتظمة ، يقذف الصباح هنا وهناك نحو زملائه الموظفين فلما اقترب من أبي صالح فز هذا من مقعده فرحا ليصافحه ، فاستقبل الموظف هذه البشاشة بإيماءة وحركة مستهجنة من رأسه ، نكس أبو صالح ذراعه متحملا هذه الإيماءة العفنة ، مباشرة أدار الموظف قرص
التلفون وأبو صالح يرقبه ) .
ــ : " وش رايك بمباراة البارحه " .
( الكلام للموظف وعلى الطرف الآخر صوت غير واضح ... استمر الموظف)
ــ : " ياخوي المهاجم ابن ....... والله نجم ، والله الحارس ماقصر ، لكن دفاع الخصم ابن ....... خشن ، اسمع اليوم العصر عندنا لعبه ، نبيك تلعب معنا ايتنا قبل العصر فيه معسكر باسترحة محمد ترانا بانتظارك !!! " .
( دقت الساعة المعلقة على الحائط المقابل لأبي صالح دقة واحدة مشيرة إلى العاشرة والنصف ، كأنها ايقضت أبا صالح ، أراد أن يقاطع هذا السيل الجارف من الهراء !!! ) .
ــ : " ياوْ لِديْ ..... " .
( ألقى الموظف بسبابته على شفتيه مشيرا له بأن يصمت . ابتلع أبو صالح هذه الإهانة بصبر مع مايعانيه من غليان،مغلفا محياه بابتسامة تخفي وراءها
بركانا من الغضب . مازال الموظف مواصلا كلامه دون مراعاة لمشاعر
أبي صالح)
ــ : " عطني بالله أحمد كان هو عندك "
( بدأ الحد يث هادئا ثم ارتفع شيئا فشيئا حتي انتهي إلي شجار وضع السماعة باعصاب متوترة وبقوة . أراد أبوصالح أن يستثمر هذه الوقفة خوفا من أن يتناول الموظف السماعة مرة أخرى فقال)
ــ : " ياوْ لِديْ أبي معاملـ..." .
( نهض الموظف من مقعده قبل أن يتم أبو صالح كلامه ودون أن يعيره أي
اهتمام !!! )[/ALIGN]
[COLOR=blue]( رؤية / عبد العزيز النعام )
" عين حائل "
خاص [/COLOR]