صحيفة عين الحقيقة
نايف الثاني ( صحيفة عين حائل الاخبارية ) خاص
ظهر شخص سعودي بقناة رساله الفضائية ينكر مشروعيه صلاة التراويح فقام الأستاذ عبد الله بن سعيِّد الشمري عضو هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة حائل بالرد عليه عبر الأدلة والاحاديث .
[ الرد الصريح على من أبطل صلاة التراويح ]
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فبعد أن أرسل لي بعض الإخوة مقطعاً لشخص يزعم بطلان صلاة التراويح ، وبعد الإطلاع عليه أقول وبالله التوفيق مبيناً بطلان كلامه :
أولاً: زعم ناشر المقطع أن المتكلم شيخ من المشايخ وهذا غير صحيح فإنه مجهول من المجاهيل لا يُعرف بالعلم الشرعي وهذا واضح من عدم فهمه الفهم الصحيح للأدلة التي استشهد بها ، وخلطه ، وتلبيسه .
ثانياً : قال في بداية كلامه وتلبيسه ان اسم “التراويح” مُبتَدع!! ، وهذا خلاف ما عليه أئمة السلف وعلماء الأمة
فقد أفرد الإمام البخاري في صحيحه كتاباً عن التراويح فقال: ” كِتَابُ صَلاَةِ التَّرَاوِيحِ ” وذكر الأبواب وساق الأحاديث .
ثالثاً : فرَّق المجهول بين قيام الليل و التراويح !
وصلاة التراويح تُعتبر من قيام الليل.
والدليل ان النبي ﷺ سمى التراويح قيام الليل ففي أحد روايات الحديث قال ﷺ بعدما تغيب عنهم في الليلة الرابعة : (( ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها)) فسماها صلاة الليل
وهذه الرواية صححها الإمام الألباني في كتابه : [صلاة التراويح ص : ١١]
رابعاً : النبي ﷺ لمَّا لم يخرج إليهم في المرة الرابعة لم يُرد بذلك إبطال التراويح وإلغائها وإنما أراد بذلك أن لا تُفرض عليهم فتكون واجبة مثل الصلوات الخمس المفروضة.
بدليل قوله ﷺ (( … لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا )) متفق عليه
فهي مشروعة وغير منسوخة لكنه لم يُرد ﷺ أن تفرض على أمته فيعجزوا عنها رحمة ورأفة بهم ومراعاة لحالهم فعليه أفضل الصلاة والسلام.
خامساً : احتج بقول أمير المؤمنين عمر _رضي الله عنه_ ((نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ)) على أن التراويح بدعة في الشرع وبناء على ذلك فهي باطلة ! وما شعر انه هو الذي وقع في البدعة
وهذا تفسير أثر عمر :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
((وَهَذَا الِاجْتِمَاعُ الْعَامُّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ قَدْ فُعِلَ سَمَّاهُ بِدْعَةً، لِأَنَّ مَا فُعِلَ ابْتِدَاءً يُسَمَّى بِدْعَةً فِي اللُّغَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِدْعَةً شَرْعِيَّةً ; فَإِنَّ الْبِدْعَةَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي هِيَ ضَلَالَةٌ هِيَ مَا فُعِلَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ كَاسْتِحْبَابِ مَا لَمْ يُحِبَّهُ اللَّهُ، وَإِيجَابِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَتَحْرِيمِ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ، فَلَا بُدَّ مَعَ الْفِعْلِ مِنِ اعْتِقَادٍ يُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ، وَإِلَّا فَلَوْ عَمِلَ الْإِنْسَانُ فِعْلًا مُحَرَّمًا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ لَمْ يُقَلْ إِنَّهُ فَعَلَ بِدْعَةً.))
[ مقتبس من رد شيخ الإسلام على الرافضي الذي زعم أن صلاة التراويح بدعة ابتدعها عمر في كتابه منهاج السنة النبوية ج٨ ص٣٠٤ ]
سادساً : خالف هذا المُلبِّس الأمة بقوله المبتدع ، وقد قال النبي ﷺ ((إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله على الجماعة)) صححه الإمام الألباني في صحيح الجامع (١٨٤٨)
وفي رواية: (( لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ )) حسنه الإمام الألباني في الصحيحة (١٣٣١) ، وكيف يسكت الصحابة عن أمر غير مشروع ؟ بل ويعملون به ! فهل اجتمعوا على ضلالة؟ هذا مستحيل ، وقد أُمرنا شرعاً بإتباعهم ، قال تعالى : { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }
سابعاً: هل يُظن بأمير المؤمنين الظن السيء ويُحمل قوله رضي الله عنه : “نعم البدعة هذه” على البدعة بالمعنى الشرعي التي قال عنها النبي ﷺ : ((كل بدعة ضلالة)) وأن يجمع الأمة عليها ؟! وهو المعروف بإنكاره لأي مخالفة شرعية وإن كانت صغيرة وبتحرِّيه الشديد للسنة !؟ حتى كان يطلب شاهداً ممن يحدِّث عن رسول الله ﷺ كما في قصته مع أبي موسى في الإستئذان ؟! ، لا يظن هذا الظن إلا جاهل أو مبتدع.
ثامناً : على فرض أن صلاة التراويح جاء بها عمر نحن مأمورون بإتباع سنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وثانيهم هو عمر رضي الله عنه كما قال ﷺ : ((فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعدي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)) صححه الألباني في [السلسلة الصحيحة (٢٧٣٥) وانظر حديث رقم (٩٣٧) ] ، ومما سنَّ رضي الله عنه : جمع المصلين على إمام واحد في التراويح ، وهو الفاروق المُلهم الذي وافقه ربه في عدة قضايا نزل بها القرآن ، والذي مدحه النبي ﷺ في عدة أحاديث .
تاسعاً : لا حجة لمن احتج بحديث : ((أَفْضَلَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَالْمَكْتُوبَةَ)) على أن التراويح باطلة ، وهذا الحديث فيما لم تُشرع فيه الجماعة على الراجح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (( أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ )) فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا لَمْ تُشْرَعْ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَأَمَّا مَا شُرِعَتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، فَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَوَاتِرَةِ وَاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.))
[منهاج السنة ج٨ ص٣٠٩]
وقال الحافظ معلقاً على الحديث في [ الفتح ج٢ ص٢١٥ ] :
(( مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يُشْرَعُ فِيه التَّجْمِيعُ وَكَذَا مَا لَا يَخُصُّ الْمَسْجِدَ كَرَكْعَتَيِ التَّحِيَّةِ)) .
عاشراً : إن ابتعاد الناس عن العلماء وعدم الأخذ منهم جعلهم يصدقون مثل هذه التلبيسات والضلالات ونشرها ، وتخطئة من قال بضدها ، والله عزوجل يقول : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَٱسئَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ }
فالواجب أخذ ميراث الأنبياء وهو العلم من ورثة الأنبياء وهم العلماء كما في الأحاديث .
وأخيراً : أحث إخواني طلبة العلم على الرد العلمي على هذه التلبيسات والضلالات خاصة أنه كثر في زماننا الملبسين وأهل البدع المبطلين لبعض العبادات المشروعة ، فهذا يُبطل صلاة التراويح ، وذاك يُبطل صيام الست من شوال ، وذاك يؤول الأحاديث على غير تأويلها ، فإلى الله المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل
وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد الذي ما من خير إلا ودلنا عليه ، وما من شر إلا وحذرنا منه فعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
6 pings