[COLOR=red]كتب : أحمد العرفج " صحيفة عين حائل " [/COLOR]
هاجس انعدام الوقت عملية تستوطن رؤوس من يدركون [أن الوقت كالسيف]، أو أولئك الذين يعلمون [أن الوقت من ذهب لا من حطب]!! وإزاء محدودية الزمان، وتأطيره بإطارات متطلبات الحياة اليومية والحاجات الحياتية.. فإن ما يبقى للقراءة، قد لا يأتي حتى على ربع الأشياء الجميلة التي تتمنى معانقتها في خلوات الوقت، وغفلات الزمان.
يقول الأستاذ الجميل حسين أحمد أمين: [رغم حبي للقراءة، وكثرة ما أشير به من كتب، فإنني أنزعج حين يهديني أحد كتابًا من تأليفه، ما لم أكن مطمئنًا إلى أنه لن يطلب مني بعد أيام رأيي، وإلى أنه سيترك لي حرية اختيار الوقت المناسب لي للنظر فيه، فالبعض يُهدي إليّ كتابه [وكأنما لم يكن وقتها ما أفعله غير انتظار وروده]، أو كأنما لم أكن مشغولاً حينئذ بموضوع لا أقرأ إلا فيه، أو كأنما موضوع كتابه يهمني كثيرًا وله الأولوية عندي.
وقد التقيتُ الإذاعي الشاعر فاروق شوشة في مناسبات اجتماعية عدة تضم أدباء و[متأدّبين]، وقد لاحظت خلالها أنه كلما أخرج أحد من الأدباء الجُدد أوراقًا من جيبه ليقرأ منها على الجمع قصيدة جديدة له، أو زجلاً، أو قصة، اكفهر وجه فاروق شوشة، وقام مهرولاً إلى الحمام، وكأنما ليقضي حاجة ملحّة، فلا يعود إلينا إلا بعد أن أدرك من الأصوات التي تصل إليه في ملجئه، أن القراءة انتهت، وأن في إمكانه الآن أن يعود إلينا آمنًا!!
ولتصرف فاروق هذا في واقع الأمر ما يبرره، إذ ليس ثمة ما هو أدعى إلى الامتعاض من أن يفرض أديب، ناشئ أو حتى عنده شيء، نفسه على جمع من الأصدقاء أو المعارف التقوا من أجل تبادل الحديث، أو للراحة بعد يوم من العمل، فيُسمعهم ما قد لا يكون الكثيرون منهم مُهيئين لسماعه، حسنًا، ما المطلوب؟ المطلوب إرسال نسخة مع –التحية- إلى أولئك النفر الذين يسرقون أوقاتنا بقوة [قلة اللباقة] وشهوة الكلام، وتضخم الذات!
عرف عن الناقد الأميركي الكبير إدموند ويلسون 1895– 1972 م من أنه طبع لنفسه مئات النسخ من بطاقة بحجم الكف توفر عليه عناء الرد الشخصي على كل رسالة من رسائل الراغبين في خدمات منه، وهذا نص البطاقة:
يأسف إدموند ويلسون إذ يجد من المستحيل عليه ما يلي:
كتابة مقالات أو كتب في موضوعات تكلفه الصحف أو دور النشر بتناولها.
كتابة مقدمات الكتب.
الاشتراك في لجان تحكيم الجوائز الأدبية.
كتابة إهداء على نسخ من كتبه لأناس لا يعرفهم شخصيًا.
الإدلاء بمعلومات عن نفسه أو إعطاء صور شمسية له.
الاستجابة لطلب الصحف والمجلات بالتعبير عن رأيه في موضوعات أدبية أو في أي موضوع آخر.
حسنًا، ما المطلوب؟ المطلوب إرسال نسخة مع التحية إلى المؤلفة شهواتهم، ورغباتهم على أمل التوبة النصوح، والإقلاع عن هذه الذنوب والخطايا!
حسنًا، ماذا بقي؟ بقي القول إن الوقت هو المال كما يقول أبناء عمنا الإنجليز، فهل نجعل الآخرين يسرقونه من أرواحنا بسماع شعرهم [بالإكراه] ومشاكلهم الشخصية [بالإكراه]، وأمراضهم الاجتماعية [بالإكراه]، مع أن البقرة المغصوبة لا تنتج لبنًا أو حليبًا!! هل يجوز [فرض الإقامة الجبرية] لسماع لغو القول وزوره!!؟